إسرائيل كبركة للأمم
ثم تركز قصة يعقوب على هذا الأمر أيضًا في تعامل يعقوب مع عيسو، أبو الأدوميين، اللذين هم شعب الجنوب، ولابان، في تعامله مع لبان وهو من ضمن شعب الشمال. وبالتالي، فعندما تتعامل مع هذين الحدين، أو هذه الحدود لأرض الموعد، أدوم في الجنوب ولابان في الشمال، فما يصبح لديك هو تعاملات يعقوب مع الشعوب حوله، شعوب أخرى غير نسله شخصيًا. ونرى في هاتين القصتين أن يعقوب يتعامل بشكل إيجابي كما بشكل سلبي مع هؤلاء الشعوب. ومن المهم أن نلاحظ أنه في تكوين 12: 3، عندما يقول الله أن إبراهيم سيصبح بركة لكل الأمم، الأمر الذي يتكرر مرة أخرى في 28: 14 ليعقوب، أن الله يقول هذا أيضًا لإبراهيم: "وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلاَعِنَكَ"، أو من يزدري بك، "أَلْعَنُهُ." وبالتالي، فإن هذا التفاعل الذي سيؤدي في النهاية إلى بركات كل الأمم ليس إجابي فقط، فهو سلبي أيضًا. وبالتالي، فالبركات واللعنات تعمل معًا في تدبير الله، أو في عنايته الإلهيّة، لتؤدي في النهاية إلى أن يصبح يعقوب بركة لكل الأمم.
هذا هو الموضوع الذي يظهر لشعب إسرائيل في أيام موسى. كانوا ذاهبين لأرض الموعد. ولكن لما كانوا ذاهبين لأرض الموعد؟ ما الغاية؟ ما الهدف؟ ما المصير؟ هل كان مجرد مباركة الله لهم، اعطاء الله لهم أشياء جيدة، أن يخلصهم الله من خطيتهم ويعطيهم حياة أبدية؟ كلا. بل كان الهدف أن يصبحوا قناة توصيل البركات لكل عشائر الأرض، كأدوات في يد لله، وهو الأمر الذي نراه يتكرر المرة تلو الأخرى في سفر التكوين، ولكننا نراه لاحقًا أيضًا في باقي الكتاب المقدس، في مزمور 72 على سبيل المثال، حيث نقرأ أن البركات ستُعطى لكل الشعوب في تحقيق للوعد الذي أُعطي لإبراهيم من خلال بيت داود. مزمور 72، من الكثير من الجوانب، هو ذروة هذا الرجاء للعهد القديم، الرجاء المتمركز حول بيت داود كالشخص الذي سيتم مباركة كل شعوب الأرض من خلاله.
الدكتور ريتشارد إل. برات، الابن هو مؤسس ورئيس خدمات الألفيّة الثالثة وأستاذ زائر للعهد القديم في كلية اللاهوت المُصلَحة (Reformed Theological Seminary)، بمدينة اورلاندو، ولاية فلوريدا، بالولايات المتحدة الأمريكيّة.